حين يُصبح القلق لصًّا لا يُرى
اسمح للقلق أن يُطرق الباب، لكن لا تفتح له. أو على الأقل، لا تتركه يبيت

القلق ليس صوتًا عاليًا دائمًا، بل قد يكون همسًا صغيرًا في الخلفية… يرافقك في كل شيء، يلتف حول لحظاتك الجميلة، يسرق منها بريقها دون أن تدري
تكون مع أحبابك، لكن ذهنك هناك، في المجهول.
تضحك، لكن في داخلك قائمة طويلة من «وماذا لو؟»
تُنجز شيئًا جيدًا، ثم بدلاً من أن تحتفل، تسأل نفسك: «هل هذا كافٍ؟ ماذا بعد؟»
القلق لا يحتاج إلى دعوة، لكنه ينتظر أن تفتح له الباب. ينتظر تلك اللحظة التي تتراخى فيها، فتبدأ بافتراض الأسوأ، والشك بكل جميل، والتخلي عن لحظتك الراهنة بحثًا عن سيناريوهات قد لا تحدث أبدًا
نعم، بعض القلق مفيد. يوقظنا، ينبهنا، يدفعنا للتخطيط. لكن حين يتحوّل إلى عادة يومية، يصبح كمن يطلب منك أن تعيش في طقس عاصف دائمًا، حتى لو كانت السماء صافية
القلق يسرق دون أن يأخذ شيئًا ملموسًا. يسرق الوقت، والمتعة، والامتنان. يسرق منك القدرة على أن ترى النعمة التي أنت فيها، الآن. أن تنظر حولك وتقول: «أنا هنا، حيّ، بخير… وهذا كافٍ لهذا اليوم»
الحياة لا تنتظر أن تنهي قلقك حتى تعيشها
هي تمضي
والأيام لا تتوقف حتى «تطمئن لكل شيء»
والعلاقات لا تنتظر حتى «تتأكد من أن لا شيء سيؤلمك»
وحتى الطمأنينة… لا تأتي وأنت تُفتش في كل زاوية عن احتمال السوء
تعلّم أن تترك بعض الأسئلة دون إجابة
أن تسير حتى لو لم ترَ الطريق كاملًا
أن تستمتع ولو كان الغد مجهولًا
ليس لأنك غير مسؤول.
بل لأنك تفهم، أخيرًا، أن الحياة تُعاش، لا تُؤمّن بالكامل
فلا تسمح للقلق أن يسرقها منك، بهدوء
ولا تجعله شريكًا في لحظاتك الأجمل
اسمح للقلق أن يُطرق الباب، لكن لا تفتح له. أو على الأقل، لا تتركه يبيت.