سنعُودُ يومًا!

مُجتمعٌ فِي قاعِ الجَهلِ يتخبّط ..
بينَ مَنَاراتٍ – كانت – يُنادى بها لعُشّاقِ العلمِ والأخلاق ..
وسطَ ماضٍ عتِيقٍ كَانَ بالعلمِ مُزدهرًا ،
كَان عَلَمًا ، كَانَ هدفًا ، كَان مُلتقى لـ غُربَاءٍ جمعُهُم حبّ العِلم ..

اليوم ..
فردهُ يحلمُ اليَومَ بأطلالٍ مَضَت ، ورُوحُ شيخه تندبُ شبَابَها ..
وقفُوا ، وتأمّلُوا يومَ أن كَانُوا وكيفَ أصبحُوا ،
يومَ أن كَانُوا يهتفُون بـ غريبٍ أتى ” أهلًا بِك فِي بلادِك ! ” ..
يومَ أن كانُوا أرواحًا مُتجانسة رغم حدُودِ الأجسام ..

يقفُون اليوم ،
وهُم ينظرُون لِما أردت بِهم خلافاتُهم ، هشّمت أرواحهم وزلزلت أركانهُم ..
يُبصرُونَ آثارًا ، وعبراتهُم تكسرُ جفُونَ أعيُنهِم ،
تِلكَ منارةُ بغداد تبكِي .. وهذا مسجدُ قُرطبة يشكُو قلّة مُصليه وهُجران طلابه ،
وذلك جامعُ القيروان يرثِي تِلكَ الجيُوش التِي كانَ قِوامُها السلام ، وتِلكَ القُدس تنامُ وعينُها مُثقلةٌ بالدمُوع ..

كَانَ الغريبُ يأتِي إليهم .. وحُبّه للعلم جلاءٌ للعينِ من بعِيد ، وتمسّكُه بـ ثقافته تُبصرها فِي نبضِ قلبه ورُوحِ فكره ..
أصبحَ الغريبُ اليوم منارةَ البشرية ، وهنيئًا له ، فقدَ حَازَ علمًا ولمّ شملَ من حَوله وألّفَ قلُوبهم ..

لكن ما يُغرقُ الوِجدان فِي همٍ عَظِيم وألمٍ عَسِير ..
هُو بُعدُ غالبية شبابِ ذلك المُجتمع الذِي كان مُزدهرًا عن حُبّ العلم ، حاسبًا العِلمَ ما وجده على طاولةٍ وكرسيّ فقط ..
تراهم حَاذفِينَ بـ هويّتهُم الإسلاميّة عرضَ الحائِط وتشكّلُوا بمظاهرِ الغرب .. ظانّين أنها الحضَارة وأنها الازدهار ..
تاركِينَ العِلمَ الذِي بينَ يديّ الغرب وبينَ يديّ عُلماء مجتمعهم ، مُوليّ رُؤوسهم عنه ، وقَاذفِينَ بالكتاب ومُعرضِينَ عنه .. وهذه الحضارة بأمّ عينها ..

لا يعلُو شأن مُجتمع إلا مِن قبسِ من مجتمع آخر ، لا بأسَ بأن تقتبسَ من غيركَ ما يُفِيدك ما دام أنه نافع لك ولغيرك غيرَ مُؤذٍ لكَ ولا لغيرك .
مثلمَا كانَ الغربُ لدينا يعكفُون على التعلّم وأخذ كُلّ نافعٍ ومُفِيد ينشرُ المحبة ، متشبّثين بهويّتهم وثقافتهم .. ينبغِي أن نكُونَ نحن كذلك ..
نأخذُ من الغربِ مَا يُفِيدنُا وينشرُ العِلمَ والمحبّة والألفة ، فنحنُ بحاجةٍ ماسة إلى التجديد واللحاق بركبِ الحضارة الذِي تخلفنا عنه كثيرًا ..
كفانَا ( كبرياءً ) وكفانَا ( ضلالًا )!

وسنعُودُ يومًا ، كما كُنا .. لو عَشِقنَا العلم والمعرفة وتمسّكنا بثقافتنا الإسلامية ، وفَهِمنَا وطبّقنا ديننا حقّ التطبِيق .. فالإسلام هُوَ دينُ الحضارة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *