حذاء الطفل المُعلّق

يتدلّى الحذاء الصغير من سلك كهرباء كأنّه قلبٌ نُزع من صدره ولم يُدفن. يتأرجح في الريح، لا بفعل الهواء، بل بأحزان خفيّة لا تُرى… كأنّه يسأل المارّة: أما من أحد يفتقدني؟
ذلك الحذاء ليس مُجرّد نعلٍ قديم، بل أثرٌ لظلّ غاب مبكرًا، وندبةٌ على جبين المدينة لا يريد أحد الاعتراف بها. هو شهادة معلّقة لطفولةٍ ما، رُبّما تاهت في ليلٍ طويل، أو سقطت من يد أمّ مرهقة على قارعة المنفى.
تمرّ السيارات تحته، تمرّ الخطى، تمرّ الأيام… لكنّه يظلّ هناك، شاهقًا في وحدته، ثابتًا في وجعه، كأنه نسي أن العالم نسيه. في كل تأرجح، يحكي قصةً لا تُروى: عن حضنٍ لم يكتمل، وضحكة قُطعت، وأملٍ عُلّق عاليًا كي لا يزعج الأرض بثقله.
الحذاء لا يسقط.
كأنّه قرر أن يظلّ معلقًا، لا ليُرثى، بل ليُشهِد العالم على ما لم يقله أحد.
على غيابٍ صاخب…
وطفلٍ، لم يعُد.