المنتج والتسويق «شراكة لا خيار»
لا ينجح المنتج فقط بالمزايا التقنية، بل يحتاج إلى انسجام مع التسويق. في هذا المقال، أستعرض أهمية الشراكة الحقيقية بين فرق المنتج والتسويق، ولماذا لا يجب أن يكون التعاون خيارًا بل ضرورة

في كثير من الشركات، يُحصر دور فريق المنتج في الجانب التقني، كتحليل المتطلبات، إدارة الأولويات، وتحديد الخصائص الفنية للمنتج. وفي المقابل، يُكلّف فريق التسويق وحده بصياغة الرسائل، فهم الجمهور، وبناء الحملة. هذا الفصل، وإن كان شائعًا، إلا أنه يُفقد المنتج شيئًا ثمينًا: الانسجام الحقيقي بين ما يُبنى وما يُقال.
الحقيقة أن فريق المنتج ليس مجرد وسيط بين التقنية والسوق، بل هو المحور الذي يجمع بين الداخل والخارج: بين ما يريده المستخدم فعلًا، وما يمكن تقديمه واقعًا. ولكي يؤدي هذا الدور بفعالية، يجب أن يكون قريبًا من اللغة التي تُخاطب السوق، أي التسويق.
الرسائل التسويقية ليست من اختصاص التسويق وحده
الرسائل التسويقية لا تُبنى فقط على الإبداع اللغوي أو الفهم التجاري، بل تحتاج إلى جوهر المنتج: ما يحلّه من مشكلات، ما يميزه، وما يضيفه إلى تجربة المستخدم. وهذا الجوهر يعرفه فريق المنتج أكثر من غيره.
حين يشارك فريق المنتج في صياغة الرسائل التسويقية، تولد حملات أكثر صدقًا واتساقًا. لا تكون هناك وعود فارغة أو عبارات إنشائية، بل رسائل تنقل التجربة الفعلية للمستخدم قبل أن يخوضها. وهنا، يصبح التسويق أداة تضخيم لصوت المنتج، لا مجرد إعلان عنه.
التسويق يزرع، والمنتج ينمّي
لكن الصورة لا تكتمل هنا. على الطرف الآخر، يمتلك فريق التسويق كنزًا معرفيًا لا غنى عنه لفريق المنتج: فهم أولي لسلوك العملاء، دوافعهم، مخاوفهم، وما يجذب انتباههم من أول وهلة. من خلال تحليلات الحملات، تجارب A/B، وتعليقات السوق، يحصل التسويق على نبض السوق بوقت أسرع من دورة تطوير المنتج.
هنا يبدأ فهم العميل من التسويق، لكنه لا يتوقف عنده. هذا الفهم يحتاج إلى أن «ينضج» داخل المنتج نفسه — في التجربة اليومية، في بيانات الاستخدام، وفي تكرار التفاعل. لذلك، عندما يعمل الفريقان سويًا، يُبنى منتج يشعر به العميل كأنه صُمم لأجله، ويُسوّق له بلغة يشعر أنها خرجت من داخله.
مثالا واقعيًا: زر «جرّب مجانًا» في صفحة هبوط منتج SaaS
أراد فريق التسويق في شركة SaaS إضافة زر «جرّب مجانًا» في الصفحة الرئيسية بناءً على منافسين كبار. لكن فريق المنتج أشار إلى أن تجربة التسجيل الحالية تتطلب تفعيل بريد إلكتروني وموافقة يدوية خلال 24 ساعة.
لو تم تسويق التجربة كأنها فورية، كان ذلك سيؤدي إلى انطباع سلبي ومعدل انسحاب مرتفع.
بناءً على هذا الحوار، عدّل فريق المنتج التجربة لتصبح فورية فعليًا، بينما صاغ التسويق الرسالة بدقة:
«ابدأ خلال دقيقة – لا حاجة لبطاقة بنكية.»
هكذا، كانت الرسالة التسويقية مدعومة بتجربة حقيقية، وليس وعدًا فارغًا.
أخيرًا
المنتج والتسويق ليسا خطين متوازيين، بل خطان متقاطعان. فهم العميل يبدأ من التسويق لأنه الأقرب إلى السوق، لكنه ينضج في المنتج لأنه الأقرب إلى السلوك الحقيقي.
وعندما يُشارك فريق المنتج في صياغة الرسائل التسويقية، لا يُضفي عليها فقط مصداقية، بل يساعد على مواءمة الوعد مع الحقيقة، والانطباع مع التجربة.
المنتجات التي تنجح طويلًا ليست تلك التي تُسوَّق بشكل جيد فقط، بل تلك التي تُبنى وتُروَّج بلغة واحدة يفهمها المستخدم… ويصدقها.