هذراتٌ وكلماتْ من هُنا وهناك
الأهمية الحقيقية: فن اكتشاف ما لا يهم
بدايةً، يجب أن أعبر عن الاعتقاد الراسخ بأن مهارة الكتابة تشبه العضلة في طبيعتها، إذ تصبح أكثر قوة كلما تم استخدامها بانتظام، وتتراجع تدريجياً عندما يقل استخدامها، ولكنها في الوقت ذاته ليست مهارة مستحيلة على الإطلاق لإعادة بنائها وتدريبها، بل تبقى قابلة للتطوير والتحسين على مر الزمن.
فبعد تشجيعٍ كبيرٍ من صديقي عبدالسلام خطاب للعودة إلى الكتابة والتدوين، والذي أشار إلى القيمة الفريدة والأثر الإيجابي الذي قد يحمله هذا العمل، وجدت نفسي متحمسًا لاستئناف هذا النشاط الذي كان يمثل جزءاً كبيرًا من هويتي وتفاعلاتي الشخصية. فقد أصبحت التدوينة الأسبوعية، أو حتى الشهرية، وسيلة للتعبير عن أفكاري وتجاربي ومشاعري بشكل يومي، وهو ما أفتقده في الفترة الأخيرة.
لذا، فإن قراري بالعودة إلى الكتابة ليس فقط انطلاقة جديدة بالنسبة لي شخصياً، بل هو أيضًا تجربة مشتركة يمكن أن تفيد وتلهم الآخرين. ومن هنا، يأتي هذه المقالة كنقطة انطلاق مهمة في رحلة العودة إلى عالم الكلمات والأفكار المتجددة.
إذا، في عالم التكنولوجيا المتسارع، يواجه المطورون ومدراء المنتجات تحديات كبيرة في اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تصميم المنتجات وتضمين الميزات المناسبة. فبينما يبدو الإهتمام بكل التفاصيل مهمًا في البداية، يظهر التجربة العملية
أن بعض الأمور ليست بالضرورة تلك التي تستحق التركيز عليها.
في هذا السياق شاركني صديقي عبدالسلام تدوينة حول أهمية معرفة ما لا يهم و تبرز النظرية البسيطة التي تقول إن “الأمر لا يهم” وسيلة فعّالة للتركيز على الجوانب الأساسية وتجاهل الأمور التي لا تسهم بشكل كبير في تحسين تجربة المستخدم. إذ اقتبس
لماذا جعلنا محادثات تطبيق Campfire يظهر الأوقات الزمنية كل 5 دقائق أفضل من الأوقات الزمنية لكل سطر من المحادثة؟ ولماذا لا يمكن التنسيق بالخط العريض أو المائل؟ ولماذا لا يمكن عرض عدد الأشخاص بالغرفة؟ الإجابة الواضحة هي: لأنها لا تهم فعلًا.
جيسون فريد @ Campfire
وبالفعل يمكن أن تبدو هذه القرارات البسيطة كإجابات بسيطة للأسئلة المعقدة، ولكنها في الواقع تعكس رؤية استراتيجية مدروسة. فعندما يتجنب المطورون ومدراء المنتجات في فخ الإضافات غير الضرورية، يمكنهم تحقيق أهدافهم بفعالية أكبر وبتركيز أعمق.
ومع ذلك، يجب أن نفهم أن هذا النهج لا يعني التخلي عن التفاصيل الهامة. بدلاً من ذلك، يجب أن يتم استخدامه كأداة للتحديق في الأولويات وتحديد ما هو حقاً ضروري لتحقيق الأهداف المحددة.
ونفس المفاهيم الدقيقة تنطبق على تحليل الأمور. من السهل جدًا إضاعة الوقت في تحليل أمور لا تهم… لأنه سواء كانت النتيجة A أو B أو مزيج من A/B، فلن يتغير أي سلوك… إذن لا يهم 😃، دائمًا قبل تحليل أي شيء، أسأل السؤال… ما الذي سيتغير حقًا إذا كان لدينا تلك البيانات مقارنة بإذا لم تكن لدينا؟ كمثال عمل استبيانًا إلخ… ثم يجب على الشخص التفكير في النتائج المحتملة بالفعل… هل ستتغير أي أمور رئيسية اعتمادًا على النتيجة؟ إذا لم يكن كذلك، فما هي الفائدة؟
في النهاية، يمكن أن يكون اتباع نهج “الأمر لا يهم” قرارًا صعبًا لبعض المطورين ومدراء المنتجات، ولكنه يفتح الباب أمام إمكانية تحسين الأداء وزيادة الفعالية في النهاية. وإن تركيزهم على الجوانب الأساسية وتجاهل الاستفزازات الثانوية يمثل خطوة مهمة نحو إنشاء منتجات تقنية تلبي حقًا احتياجات المستخدمين وتوفر تجربة فعّالة ومرضية.