عن النقد البنّاء: أسلوب «ساندوتش النقد»

في كثير من المواقف اليومية، سواء في العمل أو خارجه، نواجه لحظات نحتاج فيها إلى تقديم ملاحظة، أو توجيه نقد، أو التعبير عن عدم رضا تجاه تصرّف ما أو نتيجة معينة.
لكن الطريقة التي نُقدّم بها هذه الملاحظة قد تصنع فرقًا كبيرًا في كيفية تلقّيها، وفي العلاقة بيننا وبين الطرف الآخر.

مؤخرًا، كنت أتحدث مع زملائي عبدالسلام خطاب، و باسل هشام، والأخير مصمم متمرس في تجربة المستخدم، وذكر لي أسلوبًا بسيطًا تعلمه مؤخرًا كثيرًا ويُدعى: «ساندوتش النقد». أعجبتني فكرته، وبدأنا نجرّبه في أكثر من موقف… والنتائج كانت فعلاً مختلفة.

ما هو ساندوتش النقد؟

هو أسلوب يقوم على تقديم الملاحظة السلبية أو النقد بين عبارتين إيجابيتين.
الفكرة بسيطة جدًا، ولكنها فعالة بشكل مدهش:

  • تبدأ بالإشادة أو الثناء على شيء حقيقي وجيد.
  • تذكر الملاحظة أو الجانب الذي يحتاج إلى تعديل أو تحسين.
  • تختم بكلمة دعم أو تشجيع تعبّر فيها عن ثقتك بقدرة الطرف الآخر.

تمامًا كأنك تصنع ساندوتش: خبز – حشوة – خبز
تذكر: الهدف ليس التجميل أو المجاملة، بل تقديم الملاحظة بطريقة تحترم الشخص وتحفّزه على التحسين.

مثالا عمليا

تخيل أن أحد المصممين في الفريق عمل على واجهة جديدة جميلة بصريًا، لكنها تفتقر إلى وضوح في الزر الأساسي.

بدلًا من أن نقول مباشرة:

«التصميم جميل، لكن الزر غير واضح ويجب تعديله.»

يمكننا القول:

«أعجبني كثيرًا توازن الألوان وتوزيع العناصر في التصميم. فقط لدي ملاحظة صغيرة: الزر الأساسي يبدو غير واضح وقد لا يجذِب انتباه المستخدم بسرعة. مع ذلك، أعلم أن لديك حسًّا بصريًا رائعًا، وأثق أن التعديل سيكون بسيطًا وسيضيف قيمة للتجربة.»

الرسالة نفسها وصلت، ولكن الفرق في الأسلوب يجعل المتلقي أكثر استعدادًا للاستماع والتعديل.

لماذا اعتمدناه؟

لأننا لاحظنا أن طريقة تقديم الملاحظة تؤثر بشكل مباشر على تجاوب الطرف الآخر.
المهم بإننا لسنا هنا لننتقد من أجل النقد، بل لنبني معًا تجربة أفضل.
وعندما يشعر المصمم أو أي عضو في الفريق أن ملاحظته تُقدّم باحترام واهتمام، يكون أكثر حماسًا للتعديل والمشاركة.

إذًا هل نستخدمه في كل موقف؟

لا ليس بالضرورة. أحيانًا تتطلب بعض المواقف وضوحًا مباشرًا وسرعة في القرار. لكن في أغلب جلسات العمل والمراجعة اليومية، هذا الأسلوب يساعدنا كثيرًا في الحفاظ على جو صحي، هادئ، ومتعاون داخل الفريق.


أخيرًا

«ساندوتش النقد» ليس أسلوبًا سطحيًا أو مجاملة زائدة، بل هو ممارسة تساعدنا على تقديم النقد بشكل إنساني ومهني في الوقت نفسه.
شخصيًا، أشكر باسل على اقتراحه، لأن هذه الفكرة البسيطة كان لها أثر حقيقي في تحسين أسلوب الحوار داخل الفريق. إن كنت تعمل مع فريق إبداعي، أنصحك بتجربته. ربما تكتشف مثلي أنه أسلوب صغير يصنع فرقًا كبيرًا.

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *