دَعِيني !

دَعِينِي ..
دَعِينِي أبُوحُ لكِ عمّا أشعلَ صَدرِي .. عمّا أنتِ غائبةٌ عنهُ لاهية ..
دعِينِي اُخبركِ بـ قلبٍ احترقت جنانهُ الغنّاء ..
دعِينِي أخبركِ عن ألمٍ داهمَ قلبًأ وانتكسَ ثغره .. ولُبٍ قد بكَى ، حتى تسربلَ بالدمُوع ..
قلبٌ قد شكى حتى أُغشِي عليه ، يُرِيدُكِ أنتِ ..
تعبرِين أرضه صبَاحَ مساء ، كـ مُزنٍ بخيرٍ أتى .. تُمطرينها بـ تفاؤلٍ وابتسام ..
تَمتطِينَ صهوةَ فِكره ، وتعلِينَ عرشَ قلبه ، وتُمسكِينَ بـ لجامِ خيالِه ..
ينثرُ لكِ حرفهُ مِرارًا وتكرارًا .. لكن لا صدَى فِي الأرجاء ..
يختبئ فِي فراشه ، تحتَ لِحَافِ السمَاء ودُجى ليلةٍ صمّاء .. ويُسافرُ لكِ بـ خياله .. يضمّكِ إليه وبسمةٌ تغزُو شَفَتَيْه .. تتلُوها عبرةٌ تقتلُ فرحةَ جنبيه ..
اَحبّكِ ، حتى صَارَ ضوءُ نهاره كـ حُلكه سَمَاءِ ليله ، تبدّلت أرضهُ غيرَ أرضِه التِي يعرفُهَا .. أرضٌ امتلأت بكِ أنتِ ،
داهمتهُ سنِينٌ عِجَاف .. بحثَ عنكِ فِي أصقَاعِ الأرض ، مشَارِقهَا ومَغَاربِهَا ..
وَجَدكِ ، لكن أين ؟ فِي خيالِه .. يغزُوه ألمٌ مَرِير من اشتياقٍ طَوِيل .. يكتبُ لكِ رسَائِل يردُّهَا ساعِي البرِيد فِي صَبَاحِ ليلةٍ كَان الأرقُ فِيها الزَائِرَ الثقِيل ..
يسهرُ الليل تحتَ ضوءِ بدرٍ لا يأتِيه إلا فِي الشهرِ مرة ..
يُحاكِيه ويُفضِي إليه عمّا يَعتلِيه .. عن حُبٍ لا يقدرُ على قَولِه لـ صدِيقٍ ولا لـ قرِيب ..
– هل تنظرُ إليك ؟
– فِي أيّ بِقاعِ الأرضِ هي قاطنةٌ أيّها الرفِيق ؟
– هل تسهرُ الليلَ وتقُولَ لكَ عمّا فِي فُؤادها المسكين – كما أفعلُ أنا – ؟
أتعلمُ أيّها القمر أحبّها ! لماذا ؟ لا أدري !
ألجمَالِ رُوحها ؟ أم لـ رزانةِ عَقلِها ؟
أتعلمُ أنني كسيرٌ أسِير فِي حُبّها بإرادتي ..
أتعلمُ أنني أُعانِي غيابها الطويل ..
أتعلمُ أن حُبّها داءٌ ودواء ؟ ، داءٌ لـ عَقلِي لـ فِكرِي .. ودواءٌ لـ انكساراتِ فُؤادِي ..
أتعلمُ أنها لا تعلم أنها ضياءٌ وضوءٌ وهُدىً لـ يائسٍ فِي كونٍ فَسِيح ..
أتعلمُ أن قبضةُ يَدَها صمامُ أمَانٍ لـ قلبِي ، وحُضنها ملجئٌ لأيتامِ هميّ .. وصوتُهَا هواءُ رئتِي .. وبينَ يديها أجِدُنِي !

أيّها البدر أراكَ قد تعجّلتَ الرحِيل .. ففِي قلبِي حُبٌ لها ليسَ له مثِيل ..
صبرًا .. سأقُولُ لكَ هميّ الأخير .. الذِي أبكَانِي وألبسنِي رِدَاء الصَمتِ المَرِير ..
أتعلم أنها لا تدرِي بكلّ ما قُلتُ لك ؟ أتعلمُ أنني وحيدٌ – بدونك – أتجرّعُ حُزنَ بِعَادِها وفِرَاقها ؟
لا تَدرِي ، ولن تَدرِي .. صبرًا ! فيومًا ستطرقُ – هي – بابَ صَمتِي .. وأُثرثرُ لها بـ حُبٍ – كانَ – يَتِيم ..

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *