شَمسُ الحقِيقة !

لأننِي خَالفتُهم .. وأنكرتُ عَلِيهم عاداتِهم ،
لأننِي مُختلفٌ عَنهم .. رَمَوْنِي زُوراً .. ونَفَوْنِي من بِلاديّ !
لأننِي قُلت الحَقِيقَة التِي لطالما وددتُ إسكاتَها ..
عِندمَا نطقتُ بِها للمَرةِ الأولى فِي حَياتِي أَخذُوا يَسخرونَ ويستهزِئون ..!
حَاصرُونِي من الجِهَات الأربع ..
’’ هييه أنتَ مُتكبّر! ’’
’’ هَييه أنتَ أحمق! ’’
’’ هَييه أنتَ مُغفّل! ’’
’’ هييه أنتَ تَبتغِي الشُهرةَ لا أكثر! ’’
وفِي دَاخلِي .. صوتٌ يَنطِق ..
” أنا أتيتُ بكلّ هذا لنَفسِي !! ، لِماذا نطقتُ بهذه الحَقِيقةِ أساساً ؟! “
كُنت مُتيقناً أنَ هذه الحَقِيقة سـ تُرسِلُ عليّ عاصِفةً من الأقاوِيل ..
كُنت أعلمُ جيداً أنها سـ ترمِي عليّ بـ ضررٍ كَبِير -مُؤقتاً- !!
لَكِن ..
ما بيدِي حِيلة ! ، نطقتُ بِها لأنها قد ثَقُلت عليّ ،
تَراكَمت .. وتَكاثرت .. جِيلاً بَعد جِيل .. حتى امتلأتُ بِها،
فأشعلُوا الفَتِيل .. فانفَجرتُ .
آسف .. لكنّ هذه هِيَ الحقِيقةُ التِي لَطالما كَتمتُها وخبّأتُها ،
آسف .. فـ قَلبِي قد بَلغ طاقتهُ القصوى من الصَمت ،
آسف .. فقد بدأت تُؤثّر عَلى فِكري ، أبيتُ ليلاً وأستيقظُ نهاراً وأفكارِي مُتعلّقةٌ بِها،
آسف .. فمن بَعدِها أصبحتُ مُتَناثِرَ الأحاسِيس مُتبلّد المَشاعِر.
جمِيعُ ذلك .. لأننِي أقفلتُ عَليها فِي زنزانةِ الكُتمان -خوفاً عَليها مِن شَتمِ الشاتمِين وهَزلِ الهازلِين- ..
.. حتى ما عُدت أطِيقُ رُؤيتها وحِيدةً تبكِي وتتألّم ..!!
مُجبرٌ على إطلاقِ سَراحِها .. آسف .. آسف .. أعلمُ أنها تَطعنُ القلبَ بالسكِّين وتُنزِلُ الدَمع من العَينَين .
آسف ..
تِلكَ حَقِيقة..
أيّ مَهما حاوَلنا التغاضيّ عَنها ، سـ نرجعُ إليها يوماً ..
آسف .. لكنّ يجبُ عَلينا مُواجهةُ الحقائِق المُؤلِمة مُبكراً ،
كَي لا تُؤلِمُنا أضعافاً مُضاعفة عَندما نُقابلها وجهاً لوجه بَعد تغاضٍ طَوِيل!
أعلمُ أنّ الحَقِيقة تُؤلم كثيراً يا رِفاق ..
لكنّ حُزنٍ وكمدٌ قَليل .. خيرٌ مِن بُكاءٍ طَويل ،
وتذّكرُوا دائماً .. ” شمسُ الحقِيقة لا تغِيب !! “.